لعل علاقة العرب بالشعر أعمق من غيرهم من الشعوب والمجتمعات الإنسانية الأخرى؛ فالشعر لم يحظَ بمكانته عند العرب لجمال بيانه وروعة إيحاءاته المجازية المحلقة في فضاءات المعاني والدلالات؛ بل لأنه تجربة فريدة تستوحي كل ما هو جدير بأن يشكّل قيمة إنسانية.. وحدا إدراكُ العرب لخصائص الشعر كوعاء جمالي خالد عابر للتاريخ والأزمنة، إلى تحويله لمدونة توثّق مناسباتهم القومية وثقافتهم، ومعارفهم وحكمتهم، وتجاربهم، ووصفوه بـ”ديوان العرب”.
واتساقًا مع المكانة التي يحظى به الشعر عند العرب عبر كل العصور؛ فقد خصصت المملكة 2023 عامًا للشعر العربي؛ لتعزيز حضوره في الحياة اليومية للثقافة السعودية والعربية، وقد جسّد معرض الرياض الدولي للكتاب اهتمام المملكة بالشعر وتخصيصها العام الحالي عامًا للشعر، فمنحته مساحة كبيرة في برنامجها الثقافي الذي يضم أكثر من 200 فعالية مختلفة، وتنوعت أشكال تناول الشعر ما بين أمسيات شعرية، وندوات حوارية تبحث قضايا الشعر، ومسابقة إلقاء شعري للأطفال تنظم للمرة الأولى في معرض الرياض، الذي انطلق هذا العام تحت شعار “وجهة ملهمة”.
ورصّع المعرض أولى لياليه بجمال الشعر بأمسية “على صهوة شعر”، التي شارك فيها الشعراء: عبدالله العريمي، وبدرية البدرية، ومحمد بن مسلم، ومحمد إبراهيم يعقوب، وحوراء بنت علي الهميلي، وقدّمها خميس بن قلم الهنائي (سلطنة عمان)، وعُقدت في مساء اليوم الثالث من المعرض.. كما أتحف المعرض زواره بأمسية “قصائد في عام الشعر”، التي استضافت الشعراء مهدي منصور (لبنان)، ومحمد الأمين النواري (المغرب)، وعبدالله الفارس (السعودية)، وسلطان السبهان (السعودية) ويقدّمها الشاعر السعودي مفرح الشقيقي، وهي أمسية يتوافق موضوعها تمامًا مع “عام الشعر العربي”، وقُدّمت مساء اليوم الرابع للمعرض، ومن الأمسيات أيضًا، أمسية “في الشعر الحديث” التي استضافت الشعراء عماد أبو صالح (مصر)، وماجد الثبيتي (السعودية)، وسلمان الجربوع (السعودية)، ويقدّمها عبدالله العقيبي، وعُقدت مساء اليوم السابع للمعرض، وأمسية “أمسية شعرية: رموز في الشعر”، التي تستضيف الشعراء، يوسف الكمالي (سلطنة عمان)، وطاهر رياض (فلسطين)، وعدنان الصايغ (العراق)، وحسن المطروشي (سلطنة عمان) والأكاديمية السعودية الدكتورة فاطمة القرني، وتقدم الأمسيةَ الدكتورة سهام العبودي، التي يختتم بها المعرض أيام دورته لهذا العام التي أطلقها تحت شعار “وجهة ملهمة”.
وضم البرنامج الثقافي أيضًا مجموعة ندوات تبحث قضايا الشعر مثل، ندوة “أسئلة في الشعر”، التي استضافت صاحب السمو الملكي الأمير بدر بن عبدالمحسن الشاعر والفنان التشكيلي، وقدّمها الشاعر السعودي محمد جبر الحربي، وعُقدت في اليوم الثاني للمعرض، وندوة “الملاحم الشعرية الكبرى في عهد الملك عبدالعزيز”، التي يشارك فيها الدكتور ماهر الرحيلي، والدكتور حمد الدخيل، والدكتورة مستورة العرابي، ويقدّمها الدكتور محمد الفيصل، وعقدت في اليوم الرابع للمعرض، وندوة “سفر الدغيلي: حديث وقصائد في شعر المحاورة”، التي استضافت الشاعر السعودي سفر الدغيلي وقدّمها الإعلامي سلطان الهميلي، وشهدت حضورًا كثيفًا من زوار المعرض، وتُبَين كل هذه الفعاليات مقدار اهتمام معرض الرياض للكتاب بالشعر في “عام الشعر العربي”، وترسيخ حضوره في الحراك الثقافي السعودي والعربي.
