عالمي

الأمير بندر بن سلطان يروي لقاءاته مع المسؤولين الإيرانيين وعلاقتها مع المملكة وكيف قابل قاسم سليماني بالصدفة

روى رئيس الاستخبارات السعودية السابق وسفير المملكة الأسبق لدى واشنطن الأمير بندر بن سلطان في مقابلة مع “إندبندنت عربية”، بعض تفاصيل العلاقة بين المملكة وإيران ولقاءاته مع المسؤولين الإيرانيين ومقابلته بالصدفة لقاسم سليماني.

إيران في حكم الشاه

ذكر الأمير بندر أن علاقة المملكة بإيران في حكم الشاه كانت علاقة شد وجذب، حيث لم يكن شاه إيران محمد رضا بهلوي صديقا وكان لديه طموحات ويرى نفسه شرطي المنطقة لكنه كان عدوا عاقلا، مستخدما المثل “عدو عاقل خير من صديق جاهل”، مشيرا إلى أنه كان هناك مراسلات ونصائح بين الملك فيصل والشاه.

وأكد الأمير سلطان على ذلك في أن الشاه طالب بضم البحرين إلى حكمه، وجرت اتصالات بينه وبين الملك فيصل الذي قال له: إنه لا مصلحة لإيران في معاداة العرب ونصحه بغض الطرف عن الموضوع، وكان رأي الشاه أنه إذا غض الطرف فسيكون في مأزق أمام شعبه، ليقترح عليه الملك فيصل بالطلب من الأمم المتحدة إرسال فريق لإجراء استفتاء حول إذا ما كان يرغب البحرينيون بالانضمام إلى إيران، وهذا ما تم وقبل الشاه بالنتائج.

إيران بعد الثورة

يضيف الأمير بندر أن المملكة هي أول من أرسل تهنئة للخميني وأرسل الملك خالد مبعوثاً يهنئ الإدارة الإيرانية الجديدة ونظام الحكم فيها، قبل أن تبدأ إيران في تصفية المثقفين والسياسيين وقادة الجيش وتخرج آلية ولاية الفقيه والتي وضعت الحكم في يد شخص واحد.

ويشير إلى أن العداء بين المملكة وإيران بدأ فعليا بعد التصريح والهجوم العدائي على العراق من قبل الخميني، حيث أعلن أنه سيحرر العراق ثم يتجه لتحرير دول الخليج بالقوة، ولم يكن أمام المملكة إلا الوقوف بجانب صدام حسين، مضيفا أن المملكة فسرت الخلاف الذي أشعله الخميني بأنه خلاف تاريخي فارسي – عربي وليس خلافا سنيا شيعيا أو سياسيا، والدليل على ذلك أنه في الحرب العراقية الإيرانية كان 80% من الجيش العراقي من الشيعة وكانوا يحاربون ضد إيران.

المصالحة مع إيران

وذكر أن المملكة تريد المصالحة مع إيران ولكن الأمل مفقود بأي تقارب، مشيرا إلى أنه من الشواهد على ذلك تحرك المملكة في عهد الرئيس الإيراني الأسبق أكبر هاشمي رفسنجاني لإثبات حسن النوايا، حيث كُلف الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية آنذاك بالتعاون مع نظيره الإيراني حسن روحاني الرئيس الإيراني الحالي وتبادلا المعلومات عن الأشخاص الذين يعملون ضد البلدين، وبناءً على ذلك سلم الأمير نايف ملفا لنظيره الإيراني تضمن 10 سعوديين مطلوبين أمنيا مع تفاصيل كاملة، العناوين والصور وصور المنازل، وكان رد وزير الداخلية الإيراني أنه يريد التعاون لكن الحرس الثوري هو من يتحكم بموضوع المطلوبين.

وأضاف أنه بعد شن تنظيم القاعدة عمليات إرهابية في المملكة تم تسليم قائمة لمطلوبين وأعضاء في التنظيم، فوعدت إيران بإرسالهم وفتح صفحة جديدة مع المملكة، وبالفعل قامت بإرسال طائرة ولكن المفاجأة أن من وصل على متنها كان نساء وأطفال المطلوبين، أما المطلوبون فاحتفظت إيران بهم وقدمت لهم الرعاية.

لقاؤه مع قاسم سليماني

وحكى أنه في أحد الاجتماعات مع الإيرانيين في إحدى زياراته إلى إيران بعد توليه منصب أمين عام مجلس الأمن الوطني عام 2007، دخل عليهم في منتصف الاجتماع شخص لم يروه من قبل، وجلس في آخر مقعد، وكان الأمير سلمان بن سلطان حاضرا فرن هاتفه وكان في وضع “الهزاز” حيث أخرجه ورد على المكالمة، فنهض الشخص الذي كان يجلس في زاوية الغرفة وخرج بسرعة، ودخل آخر وتوجه نحو علي لاريجاني – أمين مجلس الأمن الثوري الإيراني سابقا – وهمس في أذنه، بعد ذلك طلب لاريجاني الحديث منفردا وذهبا إلى المكتب، وقال: “ما حدث غير أخلاقي ومعيب، كيف تقومون بتصوير قاسم سليماني من جوال أحد أفراد وفدكم؟ الأمير سلمان التقط له صورة ولهذا خرج”، فأجب الأمير بندر: “شكراً لك لأنك أخبرتنا كيف هو شكل قاسم سليماني، دائماً أسمع عنه وعن تحركاته ونتائجها السيئة، شكراً لك لأنك عرّفتنا على ملامح وجهه وسنعود الآن لملفاتنا ونتفحصها أكثر”.

مشادة كلامية بين الأمير بندر وعلي لاريجاني تتحول لتحرك سياسي

وذكر الأمير بندر أنه في إحدى اللقاءات حدثت مشادة بينه وبين لاريجاني تحولت لتحرك سياسي، حيث ذكر أن المملكة تملك أدلة على سلوك حزب الله وتدريب إيران له وعن عماد مغنية ودوره في استهداف المصالح الخليجية والسعودية، وأنه وراء تفجير موكب أمير الكويت، وخطف الطائرة الكويتية وتفجير الخبر في العام 1996، ومع شدة النقاش قال لاريجاني: “يجب عليكم أن تحرصوا وتنتبهوا، أو سنثوّر العالم على السعودية”.

ليجيء رد الأمير بندر: “أنت ستثور العالم علينا؟ لا مشكلة لدينا، وأنا أقول لك نيابة عن السعودية تفضل ثوّر العالم وهيجه علينا، لكن سأقول لك شيئاً كي لا تدّعي بأنني لم أكن صريحا معك.. مصر وتركيا وباكستان وإندونيسيا وماليزيا ومسلمو الصين والدول العربية المغاربية، كل هؤلاء سنتصل بهم ونقوم بعقد اجتماع مؤتمر لوزراء الخارجية ثم رؤساء الاستخبارات، وبعدها مؤتمر لرؤساء الأركان، وسنرى بعدها ما يحدث” فرد لاريجاني “هذا تهديد؟” ورد الأمير بندر: “أنت تقول بأنك ستثوّر العالم علينا”.

وأضاف أنه أخبر الملك عبدالله بالتفاصيل ليرد الملك عليه بأن الموضوع الآن موضوع مصداقية، ويطلب من سعود الفيصل وزير الخارجية، عقد لقاء لوزراء الخارجية الذين عدهم الأمير بندر، كما وجّه الملك الأمير مقرن، بأن يتصل بنظرائه في الدول نفسها ويطلب منهم عقد اجتماع في السعودية.

ويضيف الأمير بندر أنه وبعد يوم واحد فقط من الإعلان عن العزم على عقد اجتماع لوزراء الخارجية، تلقى اتصالاً من لاريجاني يقول فيه “يجب أن نلتقي وأنا على استعداد لذلك فوراً”، ليرد عليه “بالتأكيد، لكنني لست مستعداً للقائك فوراً، هذا أولاً، وثانياً يجب أن آخذ الإذن من الملك”.

زر الذهاب إلى الأعلى