منوعات

أخصائيون: “ممارسات اجتماعية” تضعف الجهاز المناعي.. و”إجراءات” تطرد الوباء

في ظل الأوقات الصعبة الحالية مع ظروف “جائحة كورونا”، فإنه من المتوقع أن تظهر بعض الآثار النفسية لدى كثير من الناس، مثل: زيادة مشاعر القلق والاكتئاب وعدم الأمان، وأيضاً اضطراب ما بعد الصدمة، كما يعاني عدد كبير ممن أصيبوا بتنمر كبير ومحاولة لإصدار اللوم عليهم.

“سبق” تواصلت مع مختصين للحديث عن الآثار النفسية للمريض وكيفية التغلب عليها وطرق الوقاية.

الدكتور أحمد الجدعاني، أستاذ الطب النفسي المساعد بجامعة حائل، قال لـ”سبق”:

“تعتبر أعراض القلق أكثر الأعراض النفسية انتشاراً في هذه الفترة، وقد يشتد مع كل مرة ترتفع فيها الإجراءات الاحترازية، وتزيد عدد الحالات المكتشفة”، مشيراً إلى أن “هذا الأمر متوقع، فالقلق هو الوقود والمحرك لنا، ولولاه لما التزمنا بهذه القرارات والإجراءات، ولما تقيدنا بطرق الوقاية من العدوى”.

وأضاف:

“ومن أسباب القلق لدى البعض هو عدم تحملهم لفكرة الغموض والمجهول، فيبدأ يسترسل بالأفكار حول المرض وطبيعته وكيف سينتهي ومتى سيكون ذلك؛ مما يسبب له توتراً شديداً، فهنا لابد من محاولة إيقاف هذه الأفكار، وإشغال النفس بأنشطة أخرى كالرياضة، أو مشاهدة برامج ومسلسلات ممتعة، أو ممارسة ألعاب جماعية مع الأهل أو الألعاب الإلكترونية مع الأصدقاء، أو ممارسة تمارين الاسترخاء والتأمل. وأيضاً من المهم جدا التوقف عن المتابعة المستمرة للأخبار والإشاعات، إذا احتجت متابعة الأخبار، فلتكن لمرة أو مرتين في اليوم، ولمدة بسيطة، وتكون من الحسابات الرسمية”.

وأشار الدكتور الجدعاني إلى ناحية أخرى بالنسبة للممارسين الصحيين، مبيناً أنهم:

“قد تعتليهم بعض الضغوط؛ كونهم يتعاملون مع حالات غير مألوفة وفي وضع غير مألوف، وكذلك بسبب اختلاف طبيعة العمل عما كانت عليه، وأيضاً بسبب مخاوفهم من إصابتهم بالفيروس و نقله لأهلهم وأحبابهم، ولذا فإني أتوجه بنصيحة لأهالي الممارسين الصحيين: قوموا بتشجيعهم ودعمهم نفسياً، والثناء على جهودهم والدعاء لهم، وتذكيرهم بالأجر العظيم لعملهم في خدمة المصابين والتخفيف عليهم وخدمة وطنهم في هذه الأزمة”.

وأردف:

“لا تظهروا أي علامات خوف أو توجس من أبطالكم، فهم يتبعون إجراءات وقائية قوية تحميهم وتحميكم من العدوى بإذن الله، لذا كونوا عوناً لهم لا عليهم، تواصلوا معهم وشدوا على أزرهم، فأنتم مصدر قوتهم بعد الله”.

وشدد الدكتور على موضوع “الوصمة وأثرها”، مبيناً أن:

“بعض المتعافين من كورونا وكذلك بعض الممارسين الصحيين قد يعانون من الوصمة الاجتماعية، فينظر لهم بنظرة سلبية وأنهم مصدر عدوى وخطر، فيتم تجنبهم جسدياً وعاطفياً، فيعيشون بعزلة مؤلمة. الوصمة الاجتماعية تحدث بسبب حداثة المرض وسرعة انتشاره، وأن كثيراً من الأمور حوله غير معروفة، وكثير من البشر بطبيعتهم يخافون من المجهول، ولذا يقومون بتحويل مخاوفهم من هذا المجهول إلى أشخاص محددين حتى يشعروا بنوع من الأمان”.

وأردف:

“لذا ينبغي على المجتمع المساعدة في إيقاف هذه الوصمة وذلك بنشر المعلومات الحقيقية عن المرض وزيادة الوعي والحديث بإيجابية عن طرق الوقاية المتبعة وإيقاف بث الإشاعات والإرجاف وكأننا في نهاية العالم، فهذا المرض سينجلي بحول الله وستعود الحياة لسابق عهدها”.

وتابع الدكتور أحمد الجدعاني:

“علينا انتقاء كلماتنا بعناية، فالكلمة سلاح قوي، فلتكن كلماتنا تحفيزاً لا تثبيطاً، تشجيعاً لا تخويفاً، دعماً لا تحطيماً، لنسمهم بأبطال الصحة فهو اسم يستحقونه. وأيضاً مما يساعد في إيقاف حالة الوصمة هو قيام من تعرضوا لها بنشر قصتهم وتجربتهم ومشاعرهم وظروفهم وحالهم حتى يتفهم الناس وضعهم، وتتغير النظرة تجاههم وبالتالي يتحول الناس إلى دعمهم بدلاً من النظرة السلبية لهم”.

وختاماً طالب الدكتور الجدعاني الجميع بأخذ المعلومة من مصادرها وتقليل متابعة أخبار كورونا والالتزام بإجراءات الوقاية والتباعد الجسدي، والتذكر بأن الحجر المنزلي لا يعني العزلة عن الأهل والأصدقاء، فبالإمكان التواصل معهم عبر وسائل التقنية الحديثة، وممارسة الرياضة المنزلية، وزرع روح التفاؤل والأمل.

من جهة أخرى، قال الدكتور أحمد عبد التواب الشيمي، مستشار تربوي ونفسي وأسري، لـ”سبق”:

“دورنا في دعم المصابين نفسياً والوقوف معهم يكون أولاً عند شعور المصاب بكورونا، فإنه يخاف خوفاً شديداً، وتنزل مناعته حتى أن ذلك ربما يساعد كثيراً في الإجهاز عليه ومفارقة الحياة، وبالتالي فمن الضروري جداً التواصل مع هؤلاء المصابين أو حتى الموجودين بالحجر تواصلاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومحاولة تغيير الجو الكئيب المحيط بهم، وهذا يقيناً يرفع من مناعتهم ويعطيهم أملاً في الحياة مما يساعد كثيراً في الإسراع بشفاء الحالة”.

وتابع:

“يجب ممارسة تمارين التنفس والتأمل البسيطة مع المصابين عبر الهواتف أو وسائل التواصل الاجتماعي تساعد على الهدوء النفسي والخروج من دائرة القلق والشكوك، ومحاولة إشغال المصابين بالأمور والأفكار الإيجابية كقراءة القصص والمشاركات الاجتماعية وإبداء آرائهم في الموضوعات التي تخص المجتمع وإشراكهم في حل بعض مشكلات من حولهم ، هذا أيضاً يحسن كثيرا من نفسياتهم ويشعرهم بأهميتهم في الحياة ويرفع كثيرا من مناعتهم ومقاومتهم للمرض اللعين”.

وأشار الدكتور الشيمي إلى أنه:

“يجب تدريب بعض المختصين بالصحة النفسية عن بعد، وذلك للتواصل مع الحالات الصعبة شديدة القلق والخوف والتعامل معهم تعاملا علميا ومهنيا لإخراجهم من حالتهم التي تعجل بمفارقتهم للحياة، وقد نجحت الفكرة في بعض الدول العربية وأثرت كثيرا على نفسيات المصابين والمحجورين، وعدلت من أمزجتهم، ونقلتهم نقلة نوعية وإيجابية ساهمت في تحسن حالتهم الصحية ومساندتهم في التغلب على هذا المرض اللعين”.

وبين الدكتور الشيمي:

“إنه لأمر معيب ومناف للأخلاق والإنسانية ما حدث في بعض المناطق في بلداننا العربية من اعتبار المصاب بكورونا وصمة عار في جبينه،بل ووصل الأمر لتجمهر بعض المواطنين في بلد عربي لعدم دفن طبيبة مصابة بكورونا وما كانت إصابتها إلا دفاعاً عن أهل قريتها وبلدها بل والإنسانية جميعا، ولذلك سارع الجميع بتدارك هذا الخطأ الكبير، وبتكريم الطبيبة، بعدما ضحت بنفسها من أجل واجبها المهني هي وجميع الأطقم الطبية الذين نظر العالم لهم نظرة سامية بعد جهودهم المتواصلة في الوقوف بصدور عارية أمام هذا الوباء”.

المصدر : صحيفة سبق

زر الذهاب إلى الأعلى