منوعات

“التركي” يكتب عن معاناته مع وباء “الجدري”: عميت 100 يوم.. وعالجتني “بدوية” بالقشور

كتب الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي سابقًا، في إحدى كتاباته متذكرًا إصابته بالجدري في طفولته، وقال: في أواخر عام ١٣٦٩ وأوائل ١٣٧٠ انتشر وباء الجدري في نجد؛ وهلك بسببه كثير من الناس، خاصة صغار السن، وقد أصابني إصابة شديدة، وأنقذني الله منه برحمته ومنته، وقد بقي أثره عليَّ سنوات.

وأضاف: كانت البداية أني حملت طفلة لإحدى قريباتي في المجمعة مصابة بالجدري؛ فانتقلت العدوى منها إليّ، وخرجت إلى أهلي في “حرمة”، وانتشر في بيتنا الجدري، وانتشر في “حرمة” وغيرها من مدن المنطقة وقراها، ومات بسببه عدد كبير.

وتابع: في بيتنا ماتت أختي نورة، وهي صغيرة، ولم أشعر بوفاتها في وقتها؛ إذ كنت في غيبوبة من شدة المرض، وكنت أشد إخواني وأخواتي وأفراد الأسرة إصابة؛ إذ بقيت شهورًا أعاني المرض وملازمة البيت، وكان المرض في كل الجسم، وأشده في اليدين والرجلين والوجه والرأس.

وأردف: تذكر لنا الوالدة أن من أسباب شفائي، خاصة في العينين، أن امرأة من البادية زارتهم في المنزل، ونصحت بأخذ قشور من جلدي المصاب، فإذا يبست دُقت، ثم ذرت على الجسم، وبخاصة العينان؛ إذ كنت لأكثر من مائة يوم فاقدًا بصري على الرغم من المحاولات العلاجية البدائية. وسبحان الله العظيم، بمجرد ذر قشور الجدري في العينين تحسنت العينان، وبدأت – بفضل الله وكرمه – في الإبصار.

واستطرد: “أذكر في أحد الأيام والشمس ساطعة رأيت نورًا مضيئًا؛ فقلت لمن عندي: ما هذا الضوء الذي أراه؟ هل هو سراج؟ أم نار مشتعلة؟ فارتفعت أصوات الأهل الحاضرين بحمد الله وتكبيره على ذلك، وأن البصر لا يزال سليمًا. وبحمد الله تعافيت شيئًا فشيئًا”.

وأضاف: “أذكر في أحد الفحوص الطبية في بريطانيا، وربما على العينين، أن الدكتور سألني: هل تعرضت لحريق أو حادث فيه حريق؟ فضحكت، ثم أخبرته بالجدري وما حصل لي منه، وقال إن آثاره واضحة، وكأنه مصاب في حريق”.

وتابع: “مما في الذاكرة بشأن هذا المرض أن جسمي كله، ومعظم جلدي، خاصة اليدين والرجلين والوجه والرأس، قد انسلخ انسلاخًا كاملاً. وفي أحد الأيام حينما تحسنت حالتي خرجت لأول مرة من المنزل على الطريق العام فإذا بشخص فيه، يغلب على ظني أنه برجس ابن ناصر بن عبدالكريم، وهو ممن يعرفني سابقًا، وحينما رآني لم يعرفني، وهرب خوفًا من الشكل الذي رآه”.

المصدر : صحيفة سبق

زر الذهاب إلى الأعلى