منوعات

مصمّم “مشاريع الحرمين” يفك شفرتها: طفنا العالم لنجد مسماراً وهذه قصتي مع الملك عبدالله

كشف المصمّم الرئيس لمشاريع الحرمين الشريفين المعماري والأكاديمي بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتور عبدالله بن جنيدب؛ عن أن اللغة المعمارية لمشاريع الحرمين الشريفين ثابتة منذ التوسعة الأولى، وأتت التوسعتان الثانية والثالثة كتطوير لهذه اللغة، ولتتعاطى مع مشكلات جديدة مثل مشكلة “الزحام” وأمن الحشود والأعداد المتزايدة من الحجاج والعمّار والزوّار وقاصدي المسجد الحرام، مشيراً إلى أن “إستراتيجية توسعة المطاف ركّزت على رفع الطاقة الاستيعابية للطائفين لاستيعاب 107 آلاف طائف في الساعة وسلامة الكتلة البشرية وتحوله في وقت الذروة إلى 5 مبانٍ مستقلة عن بعضها بعضاً وفي التصميم توسعة المطاف وتمّت توسعة الصحن والمبنى.

وتحدث ابن جنيدب؛ الذي حلَّ ضيفاً على برنامج “الليوان” مع عبدالله المديفر؛ على شاشة “روتانا خليجية”، أمس، في حوار عن “حكاية عمارة الحرمين”، وعبقرية التعاطي مع “الكعبة المشرّفة”، في التصميم الأخير للحرم المكي، وقال: “تستطيع أن ترى الكعبة من مسافة 600 متر”، وعن الممر الذي يقود للكعبة يقول: “ارتفاعه 25 متراً، تقدر تدخل منه عمارة 7 أدوار”، واصفاً مكة المكرّمة والمدينة المنوّرة، بأنهما درة التاج السعودي، معتبراً أن الاهتمام بها من الأسس الرئيسة للدولة السعودية، وهي المقدمة عند كل ملوك الدولة من عهد المؤسِّس، مرورا بكل مَن أتى بعده من ولاة الأمر.

كما تحدث عن معمارية أسقف الحرم التي تسمح بدخول الإضاءة الطبيعية للأفنية والصالات، وعن قبب الحرم يقول: “لدينا 5 قبب بناءً على رغبة الملك عبدالله، إحداها متحرّكة رئيسة، وهي أكبر قبة متحرّكة في العالم، وهي الموجودة في المحور الرئيس في التوسعة التي تربط بين بوابة الملك عبدالله ومحور الكعبة المشرّفة وسيتم الانتهاء منها قريبا بإذن الله”.

وأشار المعماري ابن جنيدب؛ إلى أن أبواب الحرمين هي آخر ما توصلت إليه التقنية، فهي لم تعد مجرد أبواب؛ بل آلات متطورة تعمل بالتكنولوجيا وفيها أجهزة تحسب أعداد الداخلين والخارجين، ولا تفتقر للجماليات الفنية، كاشفاً أن سبب استخدام الألواح الشمسية في الحرم هو من باب “الرسالة” لتثقيف الناس بأهمية الطاقة البديلة، كجزءٍ من رسائل الحرم للعالم.

ولفت إلى أن هدف “مبنى المصاطب” الجديد خلف الحرم، إيجاد الروح القديمة لمكة وآلاف الحمامات والمواضئ لخدمة قاصدي المسجد الحرام؛ مشيراً إلى أنه يحتوي تقريباً على 12 ألف حمام و30 ألف ميضأة، وأضاف “إستراتيجية التوسعة الثالثة” تطورت لتعمل على إحياء “روح مكة القديمة” عبر 4 كيلو من الممرات من أماكن الصلاة للحمامات والمواضئ في مبنى المصاطب، دون إغفال عوامل الأمن والسلامة”.

كما روي المعماري ابن جنيدب؛ خلال الحلقة، قصة “المسمار” الذي طاف فريقه العالم للبحث عنه لأهميته فهو مطلوبٌ في تثبيت رخام الحرم ولضمان عدم سقوطه لتحقيق أمن الناس وسلامتهم، مشيراً في هذا الصدد إلى أنه تم إدخال الرخام في اختبارات وإجراءات قاسية جداً.

ولفت المصمّم الرئيس لمشاريع الحرمين الشريفين المعماري ابن جنيدب؛ إلى أن “الحرمين الشريفين” أحد نماذج “العمارة النبيلة” في تاريخ الإنسانية، والتوسعة الثالثة هي ذروة العمارة النبيلة في هذا العصر، التي تتميز بوحدة المادة والبناء، حيث استخدم حجر واحد في بناء أرضيات وجدران الحرم وهو حجر “رخام كرارة “من منطقة تسمى كــَــرّارا بإيطاليا.

وأضاف: “في السقف استخدمنا الحجر الصناعي القريب من هذا الرخام حتى لا يكون بينهما تنافر في المنظر واعتمدت فكرة البناء على فكرة الظل والظلال”، مفيداً بأن “الاختلاف ضمن الوحدة المعمارية” أحد أهم ملامح “العمارة النبيلة” في التوسعة الثالثة للحرمين الشريفين، وذكر أن أبواب الحرمين هي آخر ما توصلت إليه التقنية، فلم تعد مجرد أبواب؛ بل آلات متطورة تعمل بالتكنولوجيا، ولا تفتقر للجماليات الفنية، وهذا هو سر “النور” الذي يشع منها في بعض الأوقات.

‏ ورغم امتناع المصمّم الرئيس لمشاريع الحرمين الشريفين، عن الظهور الإعلامي منذ أكثر من 10 سنوات، فقد عزا سبب مشاركته في البرنامج لأجل إبراز جزءٍ بسيطٍ من الجهود العظيمة والجليلة التي يقدمها ولاة الامر والدولة في خدمة وإعمار الحرمين الشريفين وليس للظهور الإعلامي الشخصي، وقال: “أنا لي أكثر من 10 سنوات ممتنع إعلامياً، فأنا لا أبحث عن مجدٍ وإطراءٍ؛ فهذا ليس من شخصيتي”.

وأوضح تفاصيل علاقته بمشاريع الحرمين، مشيراً إلى أن الأقدار هي التي ساقته إليها وأن الأمور مكتوبة في السماء وليس من تخطيط البشر، وقال: “استيقظت ذات صباح على مجموعة كبيرة من الاتصالات على جوّالي، وبعد أن أفطرت قمت بالاتصال بالرقم الذي يتكرّر فرد عليَّ شخصٌ من سنترال مكتب وزير التعليم العالي، فتبادر إلى ذهني وقتها أن أحد طلابي قام بتقديم شكوى ضدّي عند مكتب الوزير، ولكن تبيّن لي فيما بعد أنه طُلب مني السفر في اليوم التالي إلى الخارج لحضور اجتماعٍ حول تقييم مشاريع الحرم، وعندما حضرنا كان المطلوب من الفرق المشاركة من أكاديميين سعوديين وأجانب في الملتقى وضع تصميم للحرم خلال شهر واحد فقط.

وأردف: “بعد تقديم الفرق تصاميمها تم التصويت وفاز التصميم الذي وضعته مع فريقي ورُشح لكي يعرض إلى جانب فكرة تصميم آخر على الملك عبدالله، رحمه الله، لافتاً إلى أنه وضع تصميم الحرمين الشريفين وأنهى كل رسوماته في 29 يوماً فقط”.

وروي قصة وقوفه لعرض تصميم الحرمين الشريفين على الملك عبدالله -رحمه الله-، والمأزق الذي وقع فيه في أثناء العرض، وطلب خاص من الملك عبدالله تمّت إضافته لاحقا في تصميم الحرمين، وقال: “كنت أشرح للملك عبدالله -رحمه الله- بحضور الأمير نايف -رحمه الله- والأمير خالد الفيصل أدق التفاصيل ويبدو أنني مع الاندماج أطلت كثيراً في الوقت على الملك حتى إنه قال لي “تراك طولت” فاعتذرت منه، وكانت مجسمات المشروع موجودة وحينها سألني الملك -رحمه الله- عن القبب؟ فاعتذرت منه بنسيان وضعها في المجسم لضغط الوقت وتمّت فيما بعد صياغة القبب بالطريقة المثلى مع المشروع تنفيذاً لتوجيهات الملك عبدالله -رحمه الله-“.

ونبّه “ابن جنيدب”، أن المهندس كمال إسماعيل -رحمه الله-، ليس مصمّم الحرم، كما يعتقد البعض وإنما هو مصمّم التوسعة الثانية (توسعة الملك فهد)، ولا علاقة له بالتوسعة الثالثة (توسعة الملك عبدالله)، مشيراً إلى أنه تُوفي عام 2008 بينما تم البدء بتصميم التوسعة الثالثة عام 2009.

المصدر: سبق

زر الذهاب إلى الأعلى